مع مرور الساعات الأولى من انتهاء عمليات التصويت للانتخابات الأمريكية، يتابع الملايين شاشات التلفاز ووكالات الأنباء لمعرفة الرئيس الفائز، لكن الفترة المستغرقة للإعلان عن تلك النتائج قد تطول لتصل إلى عدة أيام أحياناً، خاصة إذا كانت النتائج بين المتنافسين متقاربة.

تلك الفترة تجعل العديد في حيرة، لماذا لا تُعلن النتائج النهائية في يوم الانتخابات نفسه؟ ولماذا يجب الانتظار طويلاً في بعض الأحيان حتى تتم معرفة الرئيس المنتخب، إلا أن إجابة هذا السؤال تتطلب فهماً عميقاً لعملية الانتخابات الأمريكية وتعقيداتها.

أبرز أسباب تأجيل إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية

يعتبر نظام الانتخاب الأمريكي المعقَّد من أبرز أسباب تأخير إعلان النتائج، إذ إن الولايات المتحدة تعتمد نظام المجمع الانتخابي لتحديد الفائز بالانتخابات الرئاسية بدلاً من الانتخاب المباشر.

للاطلاع على المزيد من المواضيع والأخبار عن الانتخابات الأمريكية 2024

ومن خلال هذا النظام، يقوم الناخبون في كل ولاية باختيار عدد معين من المندوبين يتناسب مع عدد سكان الولاية، ما يتطلب وقتاً إضافياً لجمع الأصوات من جميع الولايات وتأكيدها قبل إعلان الفائز النهائي. وجود نظام الاقتراع المبكر، والتصويت بالبريد الذي تزايدت شعبيته في انتخابات 2020 نظراً لانتشار جائحة كورونا حينها، من الأمور التي قد تسهم في تأخر إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية.

ورغم أن هذا النظام يتيح للمواطنين الاقتراع قبل يوم الانتخاب، فإن البريد قد يصل متأخراً في بعض الأحيان بعد بدء عملية التصويت الفعلي، وغالباً يتطلب احتساب هذه الأصوات وقتاً أطول مقارنةً بتلك التي سجلت في يوم الانتخابات.

وأعلنت "كامالا هاريس" نائبة الرئيس الأمريكي والمرشحة الديمقراطية، يوم الأحد الماضي، أنها أدلت بصوتها عبر البريد الإلكتروني في انتخابات الرئاسة التي تواجه فيها "دونالد ترامب".

وقالت "هاريس" في لقاء مع الصحفيين في ديترويت بولاية ميشيغان "قمت للتو بملء بطاقة الاقتراع وأرسلتها عبر البريد"، موضحة أن بطاقتها في طريقها إلى ولاية كاليفورنيا، التي تتحدر منها.

اختلاف قوانين الولايات بشأن احتساب الأصوات وتحديد الفائز يزيد الأمر تعقيداً، إذ تتطلب بعض الولايات تحققاً دقيقاً من الأصوات، خاصة في المناطق ذات الكثافة السكانية العالية أو التي تشهد تضارباً كبيراً في النتائج، ويسهم هذا التنوع في تأخير الإعلان عن النتائج النهائية.

هناك تحديات أخرى قد تواجه إعلان النتائج، فعلى سبيل المثال، قد تكون الفوارق بين المرشحين ضئيلة كما هو متوقع في الانتخابات الجارية، ما يستدعي إعادة الفرز للتأكد من صحة النتائج.

بالإضافة إلى ذلك، قد تطرأ تحديات قانونية بشأن صحة بعض الأصوات أو عملية التصويت، ما يؤدي إلى تأخير إضافي في إعلان النتائج حتى يتم فحص تلك المزاعم.

وتعطي الولايات المتحدة أهمية كبيرة لسلامة الانتخابات ومنع التزوير، لذا فقد تتطلب عمليات الفحص والمراجعة الدقيقة لجميع الأصوات من قبل الجهات المختصة وقتاً إضافياً، لضمان أن تكون النتائج عادلة وصحيحة.

ومن بين المشكلات التي قد تؤخر إعلان نتائج الانتخابات الأمريكية، اعتماد بعض الولايات على أنظمة تصويت إلكترونية قد تواجه تحديات تقنية أو تأخيرات في نقل البيانات، هذه المشكلات التقنية تعوق أحياناً احتساب الأصوات سريعاً.

كم استغرق إعلان نتائج الانتخابات السابقة؟

أجريت انتخابات 2020 يوم الثلاثاء 3 نوفمبر، ومع ذلك لم تعلن شبكات التلفزيون الأمريكية عن فوز "جو بايدن" حتى وقت متأخر من صباح يوم السبت 7 نوفمبر، بعد أن أصبحت النتيجة في ولاية بنسلفانيا أكثر وضوحاً.

ولكن في انتخابات أخرى حديثة، كان انتظار الناخبين أقصر بكثير.

ففي عام 2016، عندما فاز "ترامب" بالرئاسة، أُعلن فوزه قبل وقت قصير من الساعة 03:00 بتوقيت الشرقي في الولايات المتحدة (08:00 بتوقيت جرينتش) في اليوم التالي للانتخابات.

أما في عام 2012، عندما حصل "باراك أوباما" على فترة ولاية ثانية، كان من المتوقع فوزه قبل منتصف ليل يوم الاقتراع نفسه.

ومع ذلك، كانت انتخابات عام 2000 بين "جورج دبليو بوش" و"آل جور" استثناءً ملحوظاً.

وأُجري التصويت في 7 نوفمبر، لكن الحملتين خاضتا حرباً بسبب منافسة متقاربة في فلوريدا ولم يتم حسم السباق حتى 12 ديسمبر.

وصوتت المحكمة العليا الأمريكية لإنهاء عملية إعادة فرز الأصوات في الولاية، ما مكَّن "بوش" من الفوز ومنحه الطريق إلى البيت الأبيض.

ما هي الولايات الرئيسية التي يجب مراقبتها في عام 2024؟

سيبدأ غلق صناديق الاقتراع في الساعة 18:00 بتوقيت شرق الولايات المتحدة (23:00 بتوقيت جرينتش) مساء الثلاثاء، فيما ستغلق آخر صناديق الاقتراع في أمريكا بحلول الساعة 01:00 بتوقيت شرق الولايات المتحدة (06:00 بتوقيت جرينتش) في وقت مبكر من يوم الأربعاء.

وقد يميل الفرز المبكر إلى الجمهوريين في بعض الولايات، فيما يعرف باسم ظاهرة "السراب الأحمر" في السنوات السابقة، وذلك لأن المناطق الأصغر (مع عدد أقل من الناخبين) تنتهي من العد في وقت أبكر من المدن الكبرى حيث تميل الأخيرة عادة لدعم الديمقراطيين.

ولكن من المتوقع أن تعلق نتائج هذا السباق بنتائج سبع ولايات متأرجحة، حيث تتباين آراء استطلاعات الرأي حول من سيفوز بها هل "هاريس" أم "ترامب"، وتشمل تلك الولايات كلاً من أريزونا وجورجيا وميشيغان ونيفادا وكارولينا الشمالية وبنسلفانيا وويسكونسن.

وعادةً ما تكون بعض بطاقات الاقتراع الغيابية والبريدية، بما في ذلك أصوات أفراد الجيش والأمريكيين المقيمين في الخارج، من بين آخر البطاقات التي يتم فرزها.

كيف تتم عملية فرز الأصوات؟

يجري فرز الأصوات المدلى بها في يوم الانتخابات أولاً، تليها بطاقات الاقتراع المبكر والبريدي، ثم تلك التي تم الطعن فيها، ثم بطاقات الاقتراع في الخارج والعسكريين.

ويقوم مسؤولو الانتخابات المحليون بالتحقق من الأصوات الفردية ومعالجتها وفرزها، ويتضمن فرز بطاقات الاقتراع إدخال كل بطاقة في ماسحات إلكترونية تحسب نتائجها، وقد تتطلب بعض الظروف فرزاً يدوياً أو فرزاً مزدوجاً.

وتتمتع كل ولاية ومنطقة بقواعد صارمة حول من يمكنه المشاركة في فرز الأصوات، والترتيب الذي تتم به معالجة الأصوات والأجزاء المفتوحة للجمهور، بما في ذلك كيفية تمكن المراقبين الحزبيين من مراقبة وفرز الأصوات.

خطوات بعد إعلان النتائج

يجتمع الكونجرس الأمريكي الجديد في 6 يناير لتأكيد نتيجة فرز أصوات المجمع الانتخابي والرئيس الفائز بالانتخابات.

وفي موقف استثنائي بعد انتخابات 2020، رفض "ترامب" الاعتراف بصحة نتائج الانتخابات الأمريكية وحشد المؤيدين للسير إلى مبنى الكابيتول، بينما كان الكونجرس يجتمع للتصديق على فوز "بايدن"، كما حث نائبه "مايك بنس" حينها على رفض النتائج، لكنه رفض ذلك.

حتى بعد فض الشغب وإعادة تجميع أعضاء الكونجرس، صوّت 147 جمهورياً دون جدوى لإلغاء خسارة "ترامب".

ومنذ ذلك الحين، جعلت الإصلاحات الانتخابية من الصعب على المشرعين الاعتراض على النتائج المعتمدة المرسلة إليهم من الولايات، كما أقرت تلك الإصلاحات أن نائب الرئيس ليس لديه سلطة رفض الأصوات الانتخابية من جانب واحد.

ومع ذلك، يتوقع مراقبو الانتخابات أن الجهود الرامية إلى تأخير التصديق على تصويت عام 2024 يمكن أن تتم على المستوى المحلي ومستوى الولايات.

ورفض المرشح الجمهوري "ترامب" ونائبه "جيه دي فانس" وكبار قادة الحزب في الكابيتول في عدة مناسبات التصريح بشكل مباشر بأنهم سيقبلون النتائج إذا خسر.

ويبدأ الرئيس المنتخب فترة ولايته بعد تنصيبه يوم الإثنين 20 يناير 2025، في مبنى الكونجرس، وسيكون هذا التنصيب الرئاسي الستين في تاريخ الولايات المتحدة.

المصادر: أرقام - المجمع الانتخابي الأمريكي- وزارة الداخلية الأمريكية - مكتب إدارة الانتخابات الفيدرالية- فاكت تشيك- نيويورك تايمز- مجلس الشيوخ الأمريكي- بي بي سي