وكالة زهوة برس للأنباء

تجربة نمو .. المجر والتوازن بين التقدم الاقتصادي والاستدامة البيئية

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
تجربة نمو .. المجر والتوازن بين التقدم الاقتصادي والاستدامة البيئية, اليوم الاثنين 4 نوفمبر 2024 09:19 صباحاً

يفتح مفهوم النمو الأخضر آفاقًا جديدة لتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والتكنولوجية والحفاظ على الموارد الطبيعية، مما يجعله خيارًا استراتيجيًا لتفادي التحديات المناخية المستقبلية.

 

في هذا السياق، أعلنت المجر عن التزامها بهذا المفهوم الرائد لتصبح أول دولة بين دول الاتحاد الأوروبي تسعى إلى اقتصاد خالٍ من الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2050.

 

فهل يساهم برنامج دروب بلس (DROP Plus program)، الذي يدعم التحوّل الرقمي في البلاد، في دفع عجلة تحقيق هذا الهدف أم يعرقل مسيرته؟

 

التقدم التكنولوجي مقابل الاستدامة البيئية

 

 

- أكد العلم جازمًا أن كوكبنا يشهد ارتفاعًا حادًا في درجات الحرارة نتيجة الأنشطة البشرية، وفي مواجهة هذا التحدي الوجودي، تسعى التنمية المستدامة جاهدة لإيجاد حلول عاجلة للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه.

 

للاطلاع على المزيد من المواضيع والتقارير في صفحة مختارات أرقام

 

- إذاً، كيف يمكن تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة مع الحفاظ على كوكبنا للأجيال القادم؟

 

- تُظهر الأبحاث الاقتصادية أن النمو الاقتصادي التقليدي غالبًا ما يتسبب في تدهور البيئة، مما يشكّل تهديدًا لتحقيق التنمية المستدامة.

 

- ومع ذلك، هناك توجه متزايد نحو تبني نماذج اقتصادية جديدة تعتمد على الاستثمار في الطاقة المتجددة والابتكار التكنولوجي لتحقيق التوازن بين الحاجات الاقتصادية والمحافظة على الموارد الطبيعية.

 

- أشار الاقتصادي ويليام نوردهاوس في سبعينيات القرن الماضي إلى إمكانية تحقيق نمو اقتصادي مستدام على المدى الطويل دون أن يعوقه نضوب الموارد الطبيعية، مثل الوقود الأحفوري والمعادن.

 

- فقد أرجع ذلك إلى التقدم التكنولوجي المتسارع الذي يمكن أن يؤدي إلى تطوير تقنيات إنتاج أكثر كفاءة واستخدام مصادر طاقة متجددة.

 

- بناءً على هذه الرؤية التفاؤلية للتقدم التكنولوجي، طرح نوردهاوس فكرة أن العلاقة بين التنمية الاقتصادية والتدهور البيئي تتبع شكلًا حرف U مقلوب.

 

- ويعرف هذا الشكل بـ"منحنى كوزنتس البيئي"، نسبة إلى الاقتصادي سيمون كوزنتس الذي لاحظ أن التدهور البيئي يزداد مع تزايد النمو الاقتصادي في المراحل الأولى، ولكنه يبدأ في الانخفاض بعد أن يصل الاقتصاد إلى مستوى معين من التطور.

 

- ورغم أن بعض البلدان شهدت انخفاضًا ملحوظًا في التلوث بالتزامن مع تطورها الاقتصادي خلال القرنين الماضيين، فإن هذا لم يمنع الدول الصناعية الكبرى من تحميل الدول النامية مسؤولية التلوث المناخي.

 

- يكشف هذا التناقض عن حقيقة مفادها أن نموذج النمو الاقتصادي القائم على التكنولوجيا الحالية لا يمكن تبريره على المستوى العالمي، إذ يبدو أن التقدم الاقتصادي مرتبط ارتباطًا وثيقًا بزيادة التلوث البيئي.

 

- في مطلع القرن الحادي والعشرين، طرح الاقتصادي نيكولاس ستيرن رؤية طموحة للنمو الأخضر، واقترح تحقيق التنمية الاقتصادية جنبًا إلى جنب مع الحفاظ على الموارد الطبيعية التي تعتمد عليها رفاهية الإنسان.

 

- ووفقًا لستيرن، يتطلب تحقيق هذا الهدف خفضًا سنويًا في انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 3% على الأقل؛ وذلك للحد من ارتفاع درجة حرارة الأرض بأقل من درجتين مئويتين.

 

- إلا أن نهاية العقد الأول شهدت ظهور تيار اقتصادي جديد يدعو إلى "النمو السلبي"، والذي يركز على تقليص معدلات الاستهلاك والإنتاج العالمي.

 

- يدافع أصحاب هذا التيار عن بناء مجتمعات عادلة اجتماعيًا ومستدامة بيئيًا، واقترحوا استبدال الناتج المحلي الإجمالي بمؤشرات أوسع تشمل الرفاهية الاجتماعية والبيئية.

 

- ووفقًا لأنصار النمو السلبي، تتطلب معدلات النمو الحالية خفضًا سنويًا في انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 7% للعودة بمستويات الانبعاثات إلى ما كانت عليه عام 2000 بحلول منتصف القرن الحالي.

 

- وبشكل عام، تفرض مناهج النمو السلبي والتفاؤل التكنولوجي حلاً مبسطاً للغاية ومقيداً لتحديات تغير المناخ، مما يجعلها غير كافية.

 

- يقلل التفاؤل التكنولوجي من شأن الآثار البيئية والاجتماعية والاقتصادية الكارثية للتغير المناخ، بينما ينكر النمو السلبي إمكانية تحقيق نمو اقتصادي مستدام ويتبنى نهجاً متطرفاً في مواجهة التحدي المناخي.

 

- في المقابل، يمثل النمو الأخضر نهجاً وسطياً وواقعياً، حيث يتيح تحقيق التنمية الاقتصادية والمحافظة على البيئة في آن واحد، من خلال الابتكار الأخضر والاستثمار في التقنيات المستدامة، مما يجنب العالم كارثة مناخية وشيكة.

 

فرص النمو الأخضر في المجر

 

 

- اعتمدت المجر بمبادرة رائدة في المنطقة قانون حماية المناخ الشامل عام 2020، لتصبح أول دولة تلتزم رسميًا بتحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، تماشياً مع أهداف اتفاقية باريس للمناخ.

 

- ولتحقيق هذا الطموح، أطلقت المجر استراتيجية وطنية للتنمية النظيفة عام 2021، رسمت خارطة طريق واضحة للانتقال إلى اقتصاد خالٍ من الوقود الأحفوري بحلول منتصف القرن.

 

- تحدد الاستراتيجية 3 مسارات محتملة لتطور انبعاثات الغازات الدفيئة حتى عام 2050:

 

سيناريو الأعمال كالمعتاد: يمثل هذا السيناريو الحالة الافتراضية التي تستمر فيها السياسات والتدابير الحالية دون تغيير، أي دون اتخاذ أي إجراءات إضافية لمكافحة تغير المناخ.

 

سيناريو التأجيل: يتصور هذا السيناريو تباطؤًا في وتيرة خفض الانبعاثات في قطاع الطاقة، مع تأجيل الجهود الطموحة إلى ما بعد عام 2045.

 

سيناريو الإسراع: يهدف هذا السيناريو إلى الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050 من خلال تطبيق إجراءات مبكرة وجذرية لخفض الانبعاثات، مع التركيز على خلق فرص عمل وتحسين البيئة، وتعزيز النمو الاقتصادي على المدى الطويل.

 

تشير السيناريوهات المناخية التي تم تحليلها إلى إمكانية تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول منتصف القرن.

 

ومع ذلك، تختلف وتيرة التحول نحو الطاقة النظيفة وتأثيراته الاجتماعية والاقتصادية باختلاف الافتراضات المتبناة.

 

وتؤكد النتائج النهائية أن تحقيق هذا الهدف يتطلب جهودًا مضاعفة للحد من الانبعاثات، وبذل جهود مكثفة في مجالات التحول الرقمي والبحث والتطوير والابتكار، بالإضافة إلى برامج تعليم وتدريب متخصصة.

 

تقييم برنامج دروب بلس من حيث تأثيرات تغير المناخ والتخفيف من غازات الاحتباس الحراري

 

 

- يهدف برنامج التشغيل التجديدي الرقمي الشامل إلى تعزيز المكانة الرقمية للمجر على الصعيد العالمي، وذلك من خلال دعم جهود التجديد الرقمي والبحث والتطوير والابتكار.

 

- يسعى البرنامج إلى رفع كفاءة القطاعات العامة والخاصة، وتمكين المواطنين من الاستفادة القصوى من التطور الرقمي، وذلك من خلال مواكبة أحدث التطورات التكنولوجية العالمية وتلبية المتطلبات المتزايدة في مجالات الأمن السيبراني والاستدامة.

 

4 محاور ذات أولوية لبرنامج دروب بلس

الحوكمة الذكية

للمجر

 

- تستهدف المبادرة الذكية تحقيق هدفين رئيسيين: الأول هو دعم الابتكار وريادة الأعمال من خلال توفير بيئة محفزة للنمو، والثاني هو تحسين كفاءة الخدمات الحكومية وتقديم تجربة رقمية متميزة للمواطنين.

 

- ولتحقيق هذين الهدفين، ستعمل المبادرة على تعزيز التحول الرقمي للمؤسسات الحكومية والخاصة، وتبسيط الإجراءات، وتشجيع العمل عن بعد.

 

التحوّل التقني

الأخضر

 

- يركز هذا المحور على التطورات المستقبلية التي تهدف إلى تحقيق الاستدامة البيئية.

 

- وتشمل هذه التطورات مبادرات التوعية والتدريب في مختلف القطاعات والمجالات، مع التركيز على تحسين كفاءة الطاقة واستخدام مصادر الطاقة المتجددة.

 

- وفي سياق مكافحة تغير المناخ، تُعد جهود الحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في قطاع الطاقة والانتقال نحو اقتصاد دائري من أهم الأولويات.

 

المجر متصلة

 

- يركز المشروع على تطوير البنية التحتية للشبكات، وهذا يعني بناء شبكات قادرة على نقل البيانات بسرعات عالية جدًا، مع توسيع نطاق التغطية سواء بالكابلات أو بالواي فاي.

 

- والهدف من هذه التطورات هو تهيئة بيئة اقتصادية ونقل أكثر ملاءمة للتغيرات المناخية.

 

المواطنة الرقمية

 

- يركز هذا المحور على تحسين جودة التعليم الرقمي وتطوير الكفاءات الرقمية، بالإضافة إلى تطوير تكنولوجيا المعلومات في قطاع الصحة.

 

- وعلى الرغم من أن هذه الجوانب ليست مرتبطة بشكل مباشر بالتغير المناخي، فإنها تساهم في خلق بيئة رقمية أكثر كفاءة، مما قد يدعم بشكل غير مباشر جهود مكافحة التغير المناخي، لا سيما من خلال تبني حلول مبتكرة في مجال الصحة مثل الطب عن بعد التي تحد من الحاجة إلى التنقل.

 

 

المصدر: يوروبيان إيفولشن

أخبار متعلقة :